هل الجنة للمسلمين وحدهم - الشيخ حسين احمد الخشن pdf

 


إن محاكمة الأفكار والآراء المتشددة أو المتساهلة في قضية الحساب الأخروي لا بد أن تنطلق من إقرار جملة من المعايير والضوابط التي تحكم قضية الثواب والعقاب، وتحديد الركائز الأساسية التي يقوم عليها الخلاص الأخروي.

أول هذه المعايير، التي لا بد أن تؤخذ في الحسبان، معيار العدالة بما تعنيه من إعطاء الحقوق إلى أصحابها دون تمييز أو تفضيل بغير وجه. ونظيره معيار الحكمة، بما تعنيه من وضع الأمور في مواضعها، فالعدالة والحكمة، وهما صفتان من صفات الحق سبحانه، هما الأساس الذي يرتكز عليه مبدأ الحساب، بمقتضى عدله تعالى، أن يعطي كل ذي حق حقه وأن لا يظلم أحدا مثقال ذرة.

وهكذا فإن مقتضی حکمته أن لا يعذب إلا من يستحق العذاب، فالميزان عنده في الثواب والعقاب واضح وقويم، وهو ميزان الحق والعدل، إذ ليس في قاموس العدالة الإلهية شيء اسمه الانتقام أو التشفي أو الاستنسابية أو العجلة أو الكيل بمكيالين أو الترجيح دون مرجح، فذلك كله ظلم و جور، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرة. وهي أمور أشار إليها الإمام علي بن الحسين علي في دعائه حين قال: «وقد علمت يا إلهي أن ليس في حكمك ظلم، ولا في نقمتك عجلة، وإنما يعجل من يخاف الفوت، وإنما يحتاج إلى الظلم الضعيف، وقد تعالي يا إلهي عن ذلك علوا كبيرة.

إن مقتضی عدله سبحانه وتعالى أن لا يعذب إلا من يستحق العذاب وأن يكون عذابه منسجما مع مقدار الجرم، وتحقيق العدل هو الغرض الأساسي من البعث، فقد أعد الله يوم القيامة بهدف إقامة العدل وإحقاق الحق وإنصاف المظلوم من ظالمه و محاسبة الظالم، ولذا لا مجال هناك للظلم والمحسوبيات أو الإفلات من الحساب، إن شعار يوم القيامة هو: اليوم من كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن آلة سريع الاب لا مزاجية في الحساب

إن اعتماد منطق العدل واعتباره ضابطا يحكم عملية البحث في هذه القضايا، ويشكل مرجعا أساسيا لا يمكن تجاوزه في الاستنتاج واتخاذ المواقف، معناه أن قضية النجاة أو الهلاك، أو لنقل قضية الثواب أو العقاب، لا تتم جزافا ولا اعتباطا، وإنما تحكمها معايير واضحة يدركها العقل، ولذا لا بد من انسجام الحساب ثواب أو عقابا مع ما ثبت من عدله تعالی و تنزهه عن الظلم، كما يرى العدلية ، وفقا لقاعدة الحسن والقبح العقليين..


إرسال تعليق

تعليق:

أحدث أقدم

نموذج الاتصال