في بدايات القرن العشرين كان أوتا بينغا الكونغولي جالسة في قفصه مع بعض القردة .. الجمهور يتابعه و يشهق منبهرة .. النظرات تحمل التقدير و العرفان لداروين العبقري و العلماء التطوريين العظام الذين أنهوا جدة استمر لسنوات .. أوتا بينا هو أحد الحلقات الوسيطة الحية بين الإنسان و القرد كما أعلن العلماء التطوريون في انتصار ، ينهي الإزعاج المستمر القادم من الخلقويين الذين يرفضون التطور و المتمثل في سؤالهم المؤذي : إن كان التطور حقة فلابد من وجود حلقات وسيطة تبقى حتى الآن .. أين هي ؟
التطوريون قاموا باصطياد أوتا بينغا .. صحيح أنه كان يملك زوجة و طفلين لكنهم قتلوا الأسرة بالكامل بل هدموا قريته على من فيها .. الأمر لا يحتمل المزاح .. هذا القرد الإنسان لابد أن يراه العالم .. لابد أن ينتصر العلم التطوري على المؤمنين الخلقويين الحمقی .. . هكذا يجلس أوتا بينغا بنظرة خاملة لم تعد تفهم شيئا من العالم .. يحبسونه في قفص كبير مع أقاربه القرود بإعتباره سيتفاهم معهم لأنهم أقرب له من تلك الكائنات البيضاء المتواجدة في أعلى سلم التطور و التي لن تفهم لغته و لن يفهم لغتها ..
طفل أبيض يظهر خوفه منه و يعتبر الشمبانزي أكثر لطافة .. بدأ يفهم بعد تلك السنوات تعبيرات هؤلاء القوم .. طفل آخر مشاكس يقذف له الموز و يصرخ فيه أن يتحرك ليلتقطه .. لابد أن الطفل يسبه الآن .. أوتا بينغا الغبي أقل مهارة من الشمبانزي أوتا بينغا الذي احتضنه و هو ينظر للجمهور في خمول بينما بداخله يغلي .. أين الحقير الذي أدخل في أدمغة هؤلاء أنه قرد ؟ أين هو المتسبب فيما هو فيه ؟
سيذبحه إن رآه يوما .. لا يصدق الحمقى أنه إنسان .. لكن العرض مستمر .. بعد شهور لم يتحمل .. وجدوه في قفصه منتحرة .. لم يجد أي فائدة من الجلوس مع هؤلاء القوم البدائيين الهمجيين ! لقد أنهى حياته فلم يعد يتحمل غبائهم ! أما مكتشف أوتا بينغا و صائده الذي أوصله لأمريكا بداخل القفص .. فأخذ ميدالية ذهبية تقديرا لجهوده الكبرى في خدمة العلم و نظرية التطور !
طالب جالس في محاضرة أستاذه بالجامعة .. يستمع إلى هراء علمي فخيم لا أول له و لا آخر عن سلف الإنسان الذي هو قرد .. ينظر إلى الوجوه من حوله فيجد الأغلبية أراحت نفسها .. هذا الكلام مطلوب كتابته في نهاية العام لا أكثر ولا أقل .. لا مشكلة .. فجأة يبدأ الأستاذ ذكر أمثلة قرآنية ! يعتدل الطالب و ينتبه الجميع في إضطراب ! ماذا يحدث ؟
يؤكد الأستاذ أن الداروينية لا تتعارض مع القرآن .. بل إنها التفسير الصحيح .. و يبدأ في ذکر کتاب لرجل كان من أشرس علماء المسلمین دفاعا عن الدين ليستدل به ، د. عبد الصبور شاهين .. و يبدأ في شرح مزايا الداروينية في رد الملحدين عن تركهم للإسلام .. .
الأمر جلل إذا .. الشباب يضطرب .. متى حدثت أسلمة تلك النظرية ؟
إنها مناسبة للغرب المبني على العنصرية لا للشرق المسلم .. مناسبة لمن عرض أوتا بينغا لسنوات في قفص لا لمن تعلم ألا يحبس الحيوانات ليؤذيها .. من فعل هذا و ما هو الغرض ؟ يستمر الإضطراب بينما يستمر الأستاذ في الشرح و الإستدلال القرآني على نظريته
الجديدة ..
الداروينية المتأسلمة ..
التصنيف :
معرفة