"الطهور شطر الإيمان، والصلاة نور"
الطهارة في الإسلام ليست مجرد نظافة ظاهرية، بل هي قاعدة أساسية لكل العبادات، إذ فرض الإسلام خمس صلوات في اليوم والليلة، وشرط صحة هذه الصلوات هو الطهارة، قال الرسول ﷺ: "مِفْتَاح الصَّلَاة الطَّهُور"، وجعل الإسلام أهل الطهارة ممن يحبهم الله: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ".
الطهارة ليست عبادة مادية فقط، بل هي سبب لتكفير الذنوب، كما جاء في الحديث: "إذَا تَوضَّأَ الْعبْدُ... خرج من خطاياه مع الماء حتى يخرج نقيًا من الذنوب."
والوضوء في ذاته صورة متكاملة من النظافة الجسدية التي تحفظ الإنسان من الأوبئة والأمراض المُعدية، إذ يشمل غسل اليدين، المضمضة، والاستنشاق، مما يسهم في تنظيف أجزاء من الجسم التي تتعرض للبكتيريا والجراثيم.
النبي ﷺ أرشدنا أيضًا إلى العناية الفائقة بالنظافة الشخصية حتى عند الاستيقاظ من النوم، حين قال: "إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ، فَلاَ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاَثاً."
وحيث إن الصلاة تُفرض خمس مرات يوميًا، فقد جعل الإسلام الطهارة قبل كل صلاة ضرورة، الأمر الذي يعني أن المسلم يحرص على النظافة المستمرة، وهذا يعد درعًا واقيًا ضد الأمراض والبكتيريا المعدية.
إضافة إلى ذلك، صلاة النافلة، وهي الصلوات المستحبة التي يؤديها المسلم طوعًا، تتطلب نفس درجة الطهارة والنظافة، مما يزيد من تعزيز النظافة الشخصية المستمرة، ولم يقتصر الإسلام على نظافة الجسد فقط، بل أمر أيضًا بنظافة الثياب وحسن المظهر عند أداء الصلاة: "وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ"، "يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ."
النظافة في الإسلام هي أمر شامل يتجاوز الطقوس الدينية ليصبح جزءًا من الحياة اليومية؛ فالطهارة تكون قبل قراءة القرآن، وعند مغادرة المنزل، وعند تدارس العلم، وحتى عند الاستعداد للنوم، وهذه الطقوس المستمرة في النظافة تسهم بشكل فعّال في الحفاظ على صحة الفرد والمجتمع والوقاية من انتشار الأمراض.
ومن خلال الأمر بالصلاة المفروضة، جاء توجيه ضمني إلى الطهارة والتجمل، فالرسول ﷺ يقول: "الله جميل يحب الجمال".
وفي جانب آخر، تشبيه الصلوات الخمس بنهر جارٍ يغتسل منه المسلم خمس مرات يوميًا جاء ليبيّن لنا الأثر التطهيري للصلاة على البدن والروح معًا: "مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كَمَثَلِ نَهْرٍ جَارٍ..."
فالصلاة لم تكن مجرد عبادة تقرب العبد من ربه، بل كانت أيضًا سببًا للراحة النفسية والجسدية، فحينما قال النبي ﷺ: "أرحنا بها يا بلال"، أشار إلى عمق تأثير الصلاة في تهدئة النفس والبدن.
فهل نعي هذه الحكم ونسعى إلى إقامة الصلاة على الوجه الأكمل لننال الراحة والصحة معًا؟