إشكالية الشذوذ في الفكر الغربي ومحاربة الأخلاق

 




تعريف الشذوذ

وردت في اللغة العربية الفاظ وعبارات كثيرة استخدمت في التعبير عن الشذوذ الجنسي،  منها : اللواط، المساحقة، اتيان البهائم، جماع الأموات. وغير ذلك من الألفاظ التي تعبّر عن فعل واحد من افعال الشذوذ،   اما استخدام عبارة الشذوذ الجنسي للدلالة على هذه الأفعال مجتمعة،  فقد جاء مع الانفتاح الفكري في الغرب.

ومع  بدء الدعوات إلى التعاطف مع الشاذين جنسيا في العالم، بدأت تغيب عبارة "الشذوذ الجنسي" من كتب علم النفس  وتم استبدالها بعبارة "المثلية الجنسية".

وكذلك حصل هذا التبديل في  الطب العصبي، الذي كان حتى سنة 1953 م. يصنف الجنسية المثلية على أنها نوع من الاضطراب الجنسي لشخصية مصابة بمرض عقلي، إلا انه وإثر  تحرك بعض الناشطين المؤيدين للشذوذ الجنسي،  تم حذف مصطلح الجنسية المثلية من دليل الأمراض العقلية ليوضع مكانه " اضطراب في التوجه الجنسي"

غزو الشذوذ للمجتمعات

في العشرين سنة الأخيرة شهدت أوروبا وأمريكا حركات احتجاجية قوية، لكنها احتجاجات على إدانة الشذوذ الجنسي والمطالبة بالاعتراف به، وتخفيف أو إلغاء كافة القيود القانونية والاجتماعية والأخلاقية الناتجة عن هذه الإدانة.

وقد أدت هذه الحركات الاحتجاجية إلى اعتراف الجمعية الطبية الأمريكية النفسية بالشذوذ، وإعلان أنه ليس مرضاً حتى يعالج.

 بل إن "كالم مكلر" وهو أحد علماء الكيمياء الحيوية في بريطانيا تعرض لفكرة إمكانية تخليق جنين من أبوين شاذين باستخدام تكنولوجيا الاستنساخ، وذلك من خلال تفريغ بويضة من نواتها واستبدالها بنواة الحيوان المنوي لأحد الأبوين ثم القيام بتلقيح صناعي للبويضة بحيوان منوي من الأب الآخر، ويتم زرع البويضة الملقحة في رحم امرأة متبرعة حتى استكمال فترة الحمل!

انضمّت الولايات المتحدة بهذا الحُكم إلى قائمة الدول التي تسمح بالزواج المثلي، كالدنمارك وهولندا وبلجيكا وجنوب أفريقيا والبرازيل وغيرهم

وقد كان اليهود لهم السبق في دعم مثل هذه التوجهات الشاذة عندما صوّت الحاخامات المنتمون لأكبر تجمع يهودي في الولايات المتحدة لصالح الاعتراف بزواج الشواذ، وذلك في المؤتمر المركزي للحاخامات الأمريكيين التابع لحركة الإصلاح اليهودية، حيث صرح رئيس المؤتمر تشارلز كرولوف قائلاً: "إن من حق الشواذ الاعتراف بزواجهم واحترامهم".

وقد ظلت النظرة السلبية تجاه الجنس المثلي منتشرة في المجتمع الغربي حتى نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، عندما بدأت العلوم الطبية والنفسية في التطور والتقدم، فتغيرت النظرة، وحذفت كلمة "إثم" أو "ذنب" من القاموس الطبي، ووضع مكانها لفظ "مرض"، وكمثال ربط العالم "كرافت" الشذوذ الجنسي بالتغيرات الجينية والوراثية وبالضعف الحادث في الجهاز العصبي، ومع بدايات القرن العشرين، حدث شبه إجماع من علماء النفس على أن الشذوذ الجنسي هو مرض يولد به الإنسان..

من هنا بدأت نظرة أكثر تسامحاً ولا أقول تعاطفاً مع الشذوذ، حتى أن تقرير "ولفيندن" الذي نُشر في بريطانيا عام 1957م، أوصى باستبدال كل القوانين التي تجرم الشذوذ، وكان عام 1969م هو بداية الشرارة الثورية لعالم الشذوذ الجنسي.

وبدأت الثورة حين هاجم البوليس حانة فندق يجتمع فيه الشاذون جنسياً في نيويورك، فاندلعت أعمال الشغب واستمرت المظاهرات لمدة ثلاثة أيام متواصلة تنادي بحق الشذوذ، وتهتف بسقوط الرجعية الجنسية!

وقد أخذت ظاهرة الشذوذ الجنسي في تطورها بالمطالبة بالزواج الرسمي وتوثيقه، حيث إن توثيق عقود زواج للشواذ يحمل معنى زائداً عن الإغراق في الفحش والانتكاس، حيث يمثل بديلاً عن الزواج، ونوعاً جديداً من الأسر.. فهؤلاء الشواذ لم يكتفوا بحرية ممارسة جريمتهم، بل يريدون جعل علاقاتهم المنحرفة أمراً عادياً شأنه شأن الأسر السوية.

وتوثيق عقود زواج يعني أن يرث كل فرد في هذه العلاقة الزوجية رفيق فحشه، وأن يعاملهم الدستور معاملة زوجين طبيعيين، كرجل وامرأة، من الحصول على التأمينات، والخدمات، والراتب التقاعدي "المعاش" إلى غير ذلك، كما يمكنهم الحصول على أطفال بالتبني..

وقد حدث هذا بالفعل في هولندا، حيث سمح القانون بعد تبني البرلمان الهولندي بأغلبية كبيرة قانوناً يجيز رسمياً زواج الشواذ وتبني الأطفال من قبل شاذين، بشرط أن يحمل الطفل الجنسية الهولندية، تجنباً لمشكلات قضائية معقدة مع الدول التي لا تعترف بهذه العلاقات رسمياً.

النموذج الألماني في الشذوذ

وفي ألمانيا اتجهت ظاهرة الشذوذ الجنسي من الوسط الشعبي إلى الوسط السياسي، حيث شهدت البلاد في السنوات الخمس الماضية تورطاً كبيراً في هذه الظاهرة المرضية، حيث تفشى الشذوذ بين الوزراء، والنواب، والقادة الحزبيين، والمسؤولين في الدوائر الحكومية، بعد أن كانت في العهد النازي جرماً عقوبته الإعدام، والتعذيب، والتشهير الاجتماعي.

واللافت أن تهافت السياسيين على الاعتراف بشذوذهم الجنسي بات مطلباً انتخابياً بعد أن كشفت التجربة بأن السياسيين الذين اعترفوا بشذوذهم الجنسي فازوا بأعلى نسبة من أصوات الناخبين، وهكذا، لم تعد هذه الظاهرة بعد اليوم شائنة وعيباً اجتماعياً، بل باتت برنامجاً انتخابياً يستهوي الناخبين الذين يقدّرون جرأة المرشّح وصراحته، كما يستهوي "حزب الشاذين جنسياً" الذين يصوتون لمن يدافع عن "قضيتهم"، والذين كشفت الإحصاءات بأنهم الحزب الأوسع انتشاراً، والأقوى تنظيماً، وانضباطاً من جميع الأحزاب الألمانية التاريخية الكبرى.

وفي هذا السياق، أكد رئيس المجلس المركزي لجمعيات الشذوذ الجنسي في ألمانيا "كلاوس ياتز" أن عدد الشاذين جنسيا في أوساط المهن الحرة، من السياسيين، والأطباء، والمحامين، والصحافيين في ارتفاع مطرد بعد التسامح الاجتماعي، وتقبّل العديد من "المحافظين" لوضعهم.

 ويرفض في حديث لصحيفة "بيلد" تصنيفه بكلمة "شاذ" في زمن ضياع مفهوم كلمة "الطبيعي"، ويصرح ياتز بأنه في بعض المدن الألمانية الكبرى يوجد اليوم أحياء خاصة يقطنها هؤلاء، وتضمن كافة عناصر "البنى التحتية" لطريقة عيشهم، وهي تعجّ بالمقاهي، والمطاعم، وعيادات الأطباء المخصصة التي يرتادها من تطلق عليهم زوراً كلمة "شاذين"، أو "سحاقيات".

وتكشف صحيفة "برلينر تسايتونغ" أن من بين كل عشرة مواطنين في مدينتي برلين وكولونيا شاذ جنسياً، وأن ألمانيا اليوم لم تعد خائفة من عقوبة إعدام تلحق بالشاذين جنسياً، كما كانت الحال قبل ستين عاماً، ولا من عقوبة الطرد من الوظيفة، كما حصل مع ممثل الجيش الألماني في حلف "الناتو" "الجنرال كيسلينغ" قبل عشرين عاماً.

وبات المجتمع الألماني اليوم أكثر قبولاً لزواج المثليين، وتقبلاً لتبني رجلين "متزوجين"، كما هي الحال مع المغني باتريك ليندنر وصديقه ميشايل لينك.

الأرجنتين

في 15 يوليو 2010، وافق مجلس الشيوخ الأرجنتيني على مشروع قانون يمنح حق الزواج للأزواج المثليين. وقد كان القانون مدعوما بحكومة الرئيسة كريستينا فرنانديز دي كيرشنر، وعارضته الكنيسة الكاثوليكية. أظهرت الاستطلاعات أن نحو 70% من الأرجنتينيين دعموا إعطاء المثليين نفس الحقوق الزوجية التي يمتلكها المغايرون جنسيا. تم تطبيق القانون في 22 يوليو 2010 عندما قامت الرئيسة الأرجنتينية بإصدار القانون. أصبحت الأرجنتين بذلك أول دولة في أمريكا اللاتينية، والثانية على مستوى الأمريكيتين، والعاشرة على مستوى العالم في تشريع زواج المثليين.

أستراليا

أصبحت أستراليا ثاني أمة في أوقيانوسيا تقوم بتشريع زواج المثليين حينما أقر البرلمان الأسترالي مشروع قانون في 7 ديسمبر 2017. تقلى القانون موافقة ملكية في 8 ديسمبر، وتم تطبيقه في 9 ديسمبر 2017. أزال القانون الحظر على الزواج المثلي الذي كان موجودا من قبل وقد أتى بعد إجراء استطلاع بريدي طوعي بدأ منذ 12 سبتمبر وحتى 7 نوفمبر 2017، والذي أسفر عن 61.6% بتصويت نعم للزواج المثلي. وقد شرع نفس القانون الزواج المثلي في جميع أقاليم أستراليا الخارجية.

النمسا

منذ 1 يناير 2010، تم السماح للأزواج المثليين بالدخول في شراكات مسجلة.

في 20 نوفمبر 2013، قدم الخضر مشروع قانون في البرلمان النمساوي لتشريع زواج المثليين. وقد تم إرساله إلى اللجنة القضائية في 17 ديمسبر 2013. كان من المفترض أن يناقش القانون في خريف عام 2014، لكنه أُجل بفعل الائتلاف الحاكم.

في ديسمبر 2015، رفضت المحكمة الإدارية بفيينا قضية تعارض حظر زواج المثليين. وقد استغاث المدعون بالمحكمة الدستورية. في 12 أكتوبر 2017، وافقت المحكمة الدستورية على النظر في واحدة من القضايا التي تطعن في القانون الذي يحظر زواج المثليين. في 5 ديسمبر 2017، ألغت المحكمة حظر زواج المثليين باعتباره غير دستوري. ومن ثم، فقد سُمح للأزواج المثليين بالزواج منذ 1 يناير 2019. وقد قررت المحكمة أيضا أن النقابات المدنية ستكون متاحة للأزواج المثليين والمغايرين من هذا التاريخ فصاعدا.

سلاح المال واللجوء السياسي

ومن الأساليب المتبعة في غزو العالم العربي والإسلامي التمويل واللجوء السياسي، فضلاً عن الاختراق القانوني، والدبلوماسي، والثقافي، والديني، والإعلامي، فعلى صعيد التمويل، قدم البنك الدولي مساعدة مالية للمنظمة التركية الوحيدة التي يتجمع تحت لوائها الشاذون الأتراك وهي "كاووس ج. ل. " في أكتوبر 2005م لتنظيم ورشات تتدارس مشاكلهم في تركيا، وتعتبر هذه العملية سابقة في تاريخ البنك الدولي، ورغم هزالة المبلغ (نحو 5000 يورو)، فإن ذلك اعتبر اعترافاً رسمياً من مؤسسة مالية عالمية.

وعلى صعيد اللجوء السياسي، منحت عدة دول أوروبية حق اللجوء لشاذين من دول إسلامية؛ مثل الشاذ الباكستاني الذي احتضنته جمعية مختصة بتقديم المساعدات لشواذ العالم العربي والإسلامي يوم 16 مارس 2006م، وكذلك المغربي "أنس الجزولي" الذي يعيش بفرنسا مدافعاً عن الشواذ المغاربة، ويدين كل "اضطهاد" يقع عليهم، وقد سبق لهذا الشاذ أن كان وراء تنظيم مسابقات ملكة جمال المغرب، غير أن إسلاميي المغرب تصدوا له، مما دفعه للجوء إلى العمل السري ثم الهروب إلى الخارج.

اختراق العالم الإسلامي

وبالرغم من انتشار العديد من الأفكار والسلوكيات الغربية في العالم العربي والإسلامي، إلا أن المجتمع الإسلامي مازال يشكل قلعة حصينة ضد دعوات الشواذ في الغرب وخاصة التنظيم الدولي للشاذين جنسياً، والتي تقوى شوكته يوماً بعد يوم، ففي كل مرة يفتضح أمر بعض الخلايا الشاذة في الدول العربية، ويقيم التنظيم الدولي للشاذين ضجة كبيرة ضد البلد الإسلامي الذي يطارد الشواذ.

وقد وقع هذا في مصر منذ أكثر من عشر سنوات حين اعتقلت خلية للشذوذ الجنسي، وعبادة الشيطان، وقدمت للمحاكمة، فأقامت المنظمات الغربية زوبعة ضد مصر، متهمة نظام مبارك بمحاباة الإسلاميين وإرضائهم، وتدخلت شخصيات سياسية غربية كبيرة في القضية، وتكرر هذا في الإمارات العربية المتحدة، حين داهمت السلطات فندقاً كان الشواذ ينظمون فيه عرساً جماعياً لهم، وشهد المغرب أيضاً حالات متكررة، تدخلت فيها المنظمات الإسبانية والفرنسية والبريطانية.

ويسعى التنظيم الدولي للشاذين إلى اختراق العالم الإسلامي بطرق مختلفة، منها إنشاء منظمات وجمعيات محلية، وقد استطاع اختراق لبنان في هذا المجال فظهرت بذلك العام الماضي أول جمعية للشاذين اللبنانيين تدعى "منظمة حلم".

نظرة الأديان إلى الشذوذ الجنسي والانحرافات الخُلقية

اعتبر العهد القديم في اليهودية أن اللواط " شناعة" يجب ان يعاقب عليها بالموت . فقد ورد في التوراة : "لا تضاجع ذكرا مضاجعة امرأة، إنه رجس" ( اللاويين 18: 22) وكذلك ورد ايضا في السفر نفسه: "إذا اضطجع رجل مع ذكر اضطجاع امرأة فقد فعل كلاهما رجساً. انهما يُقتَلان. دمهما عليهما" ( اللاويين 13:20).

والنصرانية تدين الشذوذ الجنسي، وتعتبره مانع من الرضا الإلهي، وتحذر من مغبة القيام بهذا الفعل. جاء في الانجيل : "لا تضلوا، لا زناة، ولا عبدة أوثان، ولا فاسقون، ولا مأبونون، ولا مضاجعو ذكور.... يرثون ملكوت الله" ( كورنثوس الأولى 10، 6:9) .

وفي الإسلام ورد ذكر حكم قوم لوط عليه السلام الذين اجتمعوا على ارتكاب الفاحشة، فكان الرجل يأتي الرجل . وقد ورد أيضاً وصف لحالتهم وسؤ فعلتهم بقول الله عز وجل : ﴿وَلُوطاً إِذ قَالَ لـِقَومِهِ أ تَأتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِن أَحَدٍ مِّنَ العَالَمِينَ * إِنَّكُم لِتَأ تُونَ الرِّجَالَ شَهوَ ةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ بَل أَنتُم قَومٌ مُّسرِفُونَ﴾ .

أما في السنة النبوية الشريفة، فإن الأحاديث التي وردت في اللواط عديدة، منها قوله: (ملعون من عمل عمل قوم لوط). رواه الترمذي.

وقوله:

 (لعن الله من عمل عمل قوم لوط ، لعن الله من عمل عمل قوم لوط ، لعن الله من عمل عمل قوم لوط). رواه احمد.


هل للشذوذ تبرير جيني؟

في كتاب (جيناتي جعلتني أفعله! - المثلية الجنسية والدليل العلمي)،للدكتور وايتهيد وبراير وايتهيد _ وهو ثمرة لثلاثين عامًا من المراجعة لما يزيد على عشرة آلاف ورقة بحثية تشمل كل الأطراف المعنية بالجدل حول الموضوع : العلمية، والاجتماعية، والنفسية، بما في ذلك أوراق كتبها علماء شواذ بدافع من رغبتهم في إثبات وجود حتمية جينية أو بيولوجية تدفع نحو المثلية الجنسية. وقد نشرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1999.

يعمل نيل وايتهيد (الحاصل على شهادة الدكتوراه في الكيمياء الحيوية) منذ أربعين عامًا كباحث علمي في نيوزيلاندا وحول العالم.

وتعمل بريار وايتهيد صحفية وكاتبة، وهي المحررة للطبعة الخامسة من (جيناتي جعلتني أفعله!)

وقد توصلا في هذا الكتاب المهم إلى خلاصة علمية تدحض الاحتجاج بالجينات على الشذوذ، وهذه الخلاة كما يلي:

● لا يرحب أحد من علماء الجينات المنتمين للتيار العام بفكرة أن الجينات تملي السلوك، وخاصة السلوك الجنسي.

● السلوكيات التي تمليها الجينات لم تكتشف حتى الآن إلا في الكائنات البسيطة.

● من فهمنا لبنية الجينات ووظيفتها نعرف أنه لا وجود لوسائل معقولة يمكن للجين أن يفرض من خلالها بشكل لا مفر منه الميول المثلية الجنسية SSA على شخص ما. فالجينات تخلّق البروتينات ولكنها لا تورث الميول.

● لم يتم حتى الآن اكتشاف أي سلوك بشري تحدده الجينات. وحتى أقرب السلوكيات تعلّقًا بالجينات تم اكتشافها إلى الآن وهي (العدوانية في ذكور الألمان) أظهرت استجابة للتعديل والعلاج السلوكي بصورة جديرة بالملاحظة.

● لو كانت الميول الجنسية المثلية أمرًا تمليه الجينات ربما اختفى نسلها من المجتمع في خلال بضعة أجيال، ولما كانت ظهرت بين الناس اليوم.

● استقر الرأي العام لعلماء الجينات على وجود بعض التأثير للجينات بدرجة غير محددة، واتفق معظمهم على أن عدة جينات (تتراوح ما بين خمسة أو ستة إلى عدة مئات) قد تشارك في أي سلوك إنساني معين.

● الميل الجنسي المثلي الناتج عن كتلة من الجينات لا يمكنه أن يظهر فجأة ويختفي فجأة في العائلات كما نراه في واقعنا، بل المفترض أن يظل لأجيال عدة. ولذا فإن الميل الجنسي المثلي لا تنتجه عدة جينات.

● حدوث الميل الجنسي المثلي بين الناس أكثر شيوعًا من أن تسببه طفرة عارضة في جين واحد. ولذلك فإن جينًا واحدًا لا يمكن أن يكون مسؤولًا عن الميل الجنسي المثلي SSA ولا يمكن أن تحصل الطفرة في جينات متعددة في نفس الوقت.

● تظهر الميول الجنسية المثلية بشكل متكرر بين الشاذين بحيث لا يمكن أن تكون نتاجًا لخلل في عملية النمو السابقة للولادة، وبذلك لا تكون أمرا خِلقيًا بهذا المعنى كذلك.

● المدى العمري الواسع لبدء ظهور المثلية الجنسية لا يشبه المدى الضيق لمراحل حياة الإنسان المدفوعة بتأثير الجينات. ومن ذلك الحمل والبلوغ وانقطاع الطمث، وبشكل يستبعد المثلية الجنسية من أن تكون شيئًا تمليه الجينات.

● نظام الهيستونات الذي يتحكم في ظهور الجينات يتأثر تأثرًا قويًا بالبيئة، ولذلك نرى أن التنشئة تجعل البحث في مسؤولية جين واحد عن سلوكيات معينة أمرًا لا جدوى منه.

● قد يبلغ تأثر الميل الجنسي المثلي بالجينات نسبة 10%، بينما يبلغ تأثر الميل الجنسي المغاير 15%، ومع ذلك فإنه تأثر ضعيف وغير مباشر، فعلى سبيل المثال الجين الذي يجعل الرجل طويلًا لا يجعل منه لاعبًا لكرة السلة.

● الميل لنفس الجنس SSA يندرج بصورة طبيعية تحت تصنيف السمات النفسية.

الخلاصة وسبل المواجهة

أولًا: يجب الاهتمام بتبيين خطر الشذوذ الجنسي على البلدان والمجتمعات، خاصة في المجتمعات الإسلامية العربية وغيرها من المجتمعات التي لا تزال لا يُمنع فيها التحذير من الشذوذ ولا تُجرم الدعوة إلى القضاء عليه. ذلك الاهتمام يكون على مستوى المدرسة والمسجد والجامعة ووسائل الإعلام سواء المرئي أو المقروء أو وسائل التواصل الاجتماعي. وهذا مفيدٌ لمجتمعاتنا وأيضاً للمسلمين في أمريكا وأوروبا وأستراليا وسائر البلاد التي لا تسمح بالتحذير من هذا الخطر المحدق.

ثانيًا: ترجمة المواد التي تبين خطر هذا الأمر إلى اللغات الأخرى، كالإنجليزية والفرنسية والألمانية وغيرها من اللغات الأوروبية، وتستوي في ذلك الكتب والمطويات الصغيرة والمقاطع المرئية والأفلام الوثائقية وغير ذلك من الوسائل.

ثالثًا: على مستوى البناء، تربية النشء والمجتمع على القيم الإسلامية، بصفتها القيم الوحيدة القادرة على حماية الإنسانية، في ظل انفلات قيمي واسع في شتى بلدان العالم من شأنه أن يوصلها إلى الهاوية بسبب اتباع التشريعات الأرضية القائمة على أهواء بشرية مختلفة ومتجددة، بعكس القيم الإسلامية الثابتة المبثوثة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، والتي تحافظ على الفرد والأسرة والمجتمع، وتضع ضوابط للحرية تكفل منع الضرر “لا ضرر ولا ضرار”، وتتعامل بشكل حاسم مع كل ما يأتي على النسل وبقاء الإنسان بالتهديد، وتضع حداً لشهوات الإنسان كي لا تؤدي إلى هلاكه وكي لا تصرفه عن الغايات الكبرى الدينية والدنيوية.

رابعًا: الردود المتخصصة والمتتابعة على الليبراليين وغيرهم من العلمانيين، الذين يدعون من وقت إلى آخر إلى إباحة الشذوذ الجنسي وحماية ما يسمى حقوق المثليين، والتحذير من منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام التي تتبنى هذه الدعوات تحت مسمى حقوق الإنسان والحرية والتقدمية والديمقراطية، وغير ذلك من الشعارات البراقة. ففي مصر على سبيل المثال توجد عدة منظمات تنشط في هذا المجال، كمركز القاهرة لحقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومركز عدالة للحقوق والحريات، ونظرة للدراسات النسوية، وغيرها من المنظمات. ومن وسائل الإعلام الناشطة في دعم الشذوذ صحيفة “مدى مصر” الرقمية، والتي نشرت مقالة لإحدى أيقونات الشذوذ الجنسي مؤخراً وهي تستعرض المصاعب التي تحدث للشواذ في المجتمع المصري، وغيرها من المقالات والتقارير.

خامسًا: حث البرلمانيين في الدول الإسلامية على التقدم بمشاريع قوانين تحاصر الشذوذ الجنسي بمنع كل ما يشجع عليه أو يدعو إلى إباحته أو يناصر ما يسمى حقوق المثليين، سواء كان الداعي منظمات مجتمع مدني أو مواقع إلكترونية أو صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي أو غير ذلك، مع حملة موازية لبيان مفهوم الحرية الصحيح من وجهة النظر الإسلامية، فلا يوجد عاقل يقول بأن الإنسان حر يفعل ما يشاء حتى لو عاد بالضرر على الغير، فالجميع متفق على تجريم القتل والسرقة مثلاً لأنها تضر الآخرين، ولم يقل أحد إن هذا ضد الحرية، وكذلك الشذوذ الجنسي يؤدي إلى تدمير المجتمع، إضافة إلى تحريمه بصورة قطعية في الشريعة الإسلامية وجميع الشرائع الأخرى.


***************************

المصادر:

1.   الدكتورة نهى القاطرجي، الشذوذ الجنسي في الفكر الغربي.
2.   براين ويتاكر، الحب الممنوع، حياة المثليين والمثلييات في الشرق الأوسط، ص40-41.
3.   رويدا مبادري، المثليون في سورية يخرجون من الظل بموقع الكتروني وبيان يدعو إلى التسامح .
4.   نزار محمد عثمان، الجندرة مطية الشذوذ الجنسي.
5.   براين ويتاكر، الحب الممنوع، حياة المثليين والمثلييات في الشرق الأوسط، ص 45-50.

 

إرسال تعليق

تعليق:

أحدث أقدم

نموذج الاتصال