هل صُلب يسوع حقًّا؟.. السؤال الحائر!



«لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ» (تثنية 16: 24).

يعتقد المسيحيون أن المسيح صلب ليكفر الخطيئة الأزلية التي ارتكبها آدم تحت تأثير زوجته حينما أكلا من الشجرة المحرمة، وانتقلت الخطيئة بطريق الوراثة إلى جميع نسله، وكانت ستظل عالقة بهم إلى يوم القيامة، لولا أن افتداهم المسيح بدمه كفارة عن خطاياهم.

لكن هل من العدالة الإلهية أن يحاسب المرء على فعل غيره؟

هل كان الأنبياء جميعًا، نوح- إبراهيم- موسى…، مدنسين بسبب خطيئة أبيهم؟

لماذا لم يفتد الرسل السابقون البشر أيضًا إذا كان الأمر كذلك؟

أولًا: قال ناس للمسيح «يَا مُعَلِّمُ، نُرِيدُ أَنْ نَرَى مِنْكَ آيَةً». 39 فَأَجابَ وَقَالَ لَهُمْ:«جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ. 40 لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال، هكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْب الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال. متي12/28.

فيونان كان حيًّا طول الثلاثة أيام، والكنيسة تقول: إن المسيح وهو في القبر كان ميتًا!

فهل يحقق العلامات بذلك؟

فإن قلت إنه كان ميتًا فأنت تتهم عيسي بالكذب!

فعلى حسب القصة يجب أن يكون حيًّا لتتحقق النبوءة.

تقول الكنيسة: إن التشابه من حيث الوقت فقط.

لكن هناك تناقضًا أيضًا في تحديد الوقت بعينه؛ فمدة بقاء المسيح في القبر حسب النبوءة ثلاثة أيام وثلاث ليال، ولكنهم يقولون إن المسيح دفن ليلة السبت (آخر وقت في يوم الجمعة)؛ لأن اليهود يتخذون السبت راحة، وعندهم نص أن جثة المصلوب تدفن قبل السبت حتى لا تتنجس أراضي اليهود «ثُمَّ فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ، أَوَّلَ الْفَجْرِ، أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ حَامِلاَتٍ الْحَنُوطَ الَّذِي أَعْدَدْنَهُ، وَمَعَهُنَّ أُنَاسٌ. 2 فَوَجَدْنَ الْحَجَرَ مُدَحْرَجًا عَنِ الْقَبْرِ، 3 فَدَخَلْنَ وَلَمْ يَجِدْنَ جَسَدَ الرَّبِّ يَسُوعَ. لوقا24».

فالمدة هكذا ليلتان ونهار واحد فقط، وليس ثلاثة أيام وثلاث ليال!

وعندما نادى يسوع مريم كان في زي البستاني، لماذا؟

الجواب: لأنه كان متخفيًا من اليهود لكي لا يقتلوه.

ثانيًا: المسيح بعد صلبه المزعوم عاد بعد ثلاثة أيام إلى تلك الغرفة التي تناول فيها العشاء الأخير قبل صلبه، فلما دخل قال : «سَلاَمٌ لَكُمْ!» 37 فَجَزِعُوا وَخَافُوا، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ نَظَرُوا رُوحًا. لوقا24/36.

خافوا لأنهم ظنوا أنه روح لأنهم قد سمعوا من الناس أنه صلب ودفن، وهو الآن ميت في قبره، وكانت كل معلوماتهم عن الصلب والموت من الناس؛ لأن مرقس يقول إن ه حين أتى اليهود للإمساك به تركه كل تلاميذه: 14/50فَتَرَكَهُ الْجَمِيعُ وَهَرَبُوا.

فأراد المسيح أن يثبت لتلاميذه أنه ليس هو المصلوب فقال لهم: 39اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ! جُسُّونِي وَانْظُرُوا، فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي». 40 وَحِينَ قَالَ هذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. 41وَبَيْنَمَا هُمْ غَيْرُ مُصَدِّقِين مِنَ الْفَرَحِ، وَمُتَعَجِّبُونَ، قَالَ لَهُمْ: «أَعِنْدَكُمْ ههُنَا طَعَامٌ؟» 42فَنَاوَلُوهُ جُزْءًا مِنْ سَمَكٍ مَشْوِيٍّ، وَشَيْئًا مِنْ شَهْدِ عَسَل. 43فَأَخَذَ وَأَكَلَ قُدَّامَهُمْ. لوقا الإصحاح24.

فأكل المسيح ليثبت أنه ليس روحًا وأنه لم يصلب، والكنيسة تقول إنه صلب!

فمن نصدق، المسيح عليه السلام أم الكنيسة؟

ثالثًا: هناك طوائف مسيحية قبل الإسلام أنكرت الصلب، من هذه الطوائف: الباسيليديون، والكورنثيون، والكاربوكرايتون، والساطرينوسية، والماركيونية، والبارديسيانية، والسيرنثييون، والبارسكاليونية، والبولسية، والماينسية، والتايتانيسيون، والدوسيتية، والمارسيونية، والفلنطانيائية، والهرمسيون.

رابعًا: من حمل صليب المسيح؟

يقول متى ومرقس ولوقا إن «سمعان القيرواني» هو الذي حمله، بينما يقول يوحنا إن المسيح هو الذي حمل صليبه. فأي القولين صحيح؟

وما الجملة الأخيرة التي تلفظ بها المسيح قبل موته؟

يخبرنا متى ومرقس بأن هذه الجملة هي «إلهي إلهي لماذا تركتني»، بينما لوقا يقول: «يا أبتاه في يدك أستودع روحي». فأي النصين صحيح؟

خامسًا: في المزمور الثاني: «2قام ملوك الأرْض، وتآمر الرّؤساء معًا على الرّبّ وعلى مسيحه، قائلين: 3«لنقْطعْ قيودهما، ولْنطْرحْ عنّا ربطهما».

4السّاكن في السّماوات يضْحك. الرّبّ يسْتهْزئ بهمْ».

هل الرب يضحك لنجاة المسيح من المؤامرة أم يضحك لأنه صلب؟

المزمور 37 يبين لماذا ضحك الرب فيقول: 12الشّرّير يتفكّر ضدّ الصّدّيق ويحرّق عليْه أسْنانه. 13الرّبّ يضْحك به لأنّه رأى أنّ يوْمه آتٍ! 14الأشْرار قدْ سلّوا السّيْف ومدّوا قوْسهمْ لرمْي الْمسْكين والْفقير، لقتْل الْمسْتقيم طريقهمْ.

15سيْفهمْ يدْخل في قلْبهمْ، وقسيّهمْ تنْكسر.

وفي مزمور 7:14 هوذا يمْخض بالإثْم. حمل تعبًا وولد كذبًا. 15كرا جبًّا. حفره، فسقط في الْهوّة الّتي صنع. 16يرْجع تعبه على رأْسه، وعلى هامته يهْبط ظلْمه. 17أحْمد الرّبّ حسب برّه، وأرنّم لاسْم الرّبّ الْعليّ.

في المزمور20: 1 ليسْتجبْ لك الرّبّ في يوْم الضّيق. ليرْفعْك اسْم إله يعْقوب. 2ليرْسلْ لك عوْنًا منْ قدْسه، ومنْ صهْيوْن ليعْضدْك. 3ليذْكرْ كلّ تقْدماتك، ويسْتسْمنْ محْرقاتك. سلاهْ. 4ليعْطك حسب قلْبك، ويتمّمْ كلّ رأْيك. 5نترنّم بخلاصك، وباسْم إلهنا نرْفع رايتنا. ليكمّل الرّبّ كلّ سؤْلك.

6الآن عرفْت أنّ الرّبّ مخلّص مسيحه…

ويقول بعدها: 8 همْ جثوْا وسقطوا، أمّا نحْن فقمْنا وانْتصبْنا. 9يا ربّ خلّصْ!

فلحظة الخلاص ستكون أثناء سقوطهم على الأرض. إنجيل يوحنا يخبرنا بأنه عندما كان المسيح في البستان جاء الجموع للقبض عليه فلما رآهم المسيح قال: من تطلبون؟

قالوا: المسيح. فقال: أنا هو. فسقطوا على الأرض.

«هذه هي لحظة الخلاص التي تنبأ بها المزمور».

أما الاحتجاج على الصلب بمزمور 22 الذي يقول المسيح فيه: إلهي، إلهي، لماذا تركْتني، بعيدًا عنْ خلاصي، عنْ كلام زفيري؟ إلهي، في النّهار أدْعو فلا تسْتجيب، في اللّيْل أدْعو فلا هدوّ لي.

نسأل: هل هذا هو المسيح الذي قال في يوحنا: «أشكرك أيها الأب لأنك سمعت لي وأنا أعلم أنك في كل حين تسمع لي»؟

وهل المسيح يقول عن نفسه إنه دودة أي: حقير؟ «أمّا أنا فدودةٌ لا إنْسانٌ. عارٌ عنْد الْبشر ومحْتقر الشّعْب. كلّ الّذين يروْنني يسْتهْزئون»؟!

في مزمور69 المصلوب يقول: يا الله أنْت عرفْت حماقتي. فهل كان المسيح أحمق؟

ويقول: وذنوبي عنك لم تخف. فهل للمسيح خطايا؟

وقد جاء في المزمور91: «لأنّه تعلّق بي أنجّيه. أرفّعه لأنّه عرف اسْمي».

وفي مزمور 9: الشّرّير يعْلق بعمل يديْه.

أليست في هذه النصوص دلالة على فشل المؤامرة ووقوع المتآمر في الحفرة التي صنعها لغيره؟

وفي مزمور 109 يقول المسيح :فأقمْ أنْت عليْه شرّيرًا، ولْيقفْ شيْطانٌ عنْ يمينه. إذا حوكم فلْيخْرجْ مذْنبًا، وصلاته فلْتكنْ خطيّةً. لتكنْ أيّامه قليلةً.

تقول الكنيسة إن عيسي يدعو على يهوذا. لكن متى حوكم يهوذا؟

محاكمته عندما كان شبيهًا بالمسيح وصلب، وإلا فمتي كانت محاكمته؟

يقول في ذلك الأب بولس إلياس الخوري: 

«مما لا ريب فيه أن الفكرة الأساسية التي ملكت على بولس مشاعره، فعبر عنها في رسائله بأساليب مختلفة هي فكرة رفق الله بالبشر، وهذا الرفق بهم هو ما حمله على إقالتهم من عثارهم، فأرسل إليهم ابنه الوحيد، ليفتديهم على الصليب… وهذه الفكرة عينها هي التي هيمنت على إنجيل لوقا».

ويقول إرنست دي بوش في كتابه «الإسلام: أي النصرانية الحقة»: إن جميع ما يختص بمسائل الصلب والفداء هو من مبتكرات ومخترعات بولس ومن شابهه، من الذين لم يروا المسيح، لا من أصول النصرانية الأصلية».

المفترض أن تكون هناك رؤية واضحة للأبصار تُقنع العقول في مثل هذه المسائل خصوصًا إذا كانت المسألة في لب العقيدة وأصل الدين كهذه!

فهل نرى يقينًا فيما عرضته الكنيسة حيال هذه المسألة؟ أم أن الإجابة بالنفي كما عرض الكتاب المقدس وكما صوره القرآن «وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا».

إرسال تعليق

تعليق:

أحدث أقدم

نموذج الاتصال