هل الإسلام منهج عنصري ضد المرأة؟!



يقولون: إن المسلمين صاروا بالحب يُخالفون نصوص دينهم، فها هم المسلمون يتزوجون بالنساء غير المسلمات ويمنعون المسلمات من الزواج بغير الرجال المسلمين.. فما هذا الظلم للنساء المسلمات، وما هذا التمييز؟

الرد على الشبهة:

– خلط من يدعي هذا بين أشياء عدة، ولتوضيح التزييف نقول:

أولًا: إن المسلم جائز له الزواج من غير المسلمة من «أهل الكتاب» فقط، وليس له الحق في الزواج من غير أهل الكتاب من المشركات.

ثانيًا: أهل الكتاب ليسوا كفارًا مُـشركين في جملتهم؛ بل منهم ذلك، لكن عمومهم أهل كتاب كما سماهم القرآن الكريم وفرَّق بينهم وبين المشركين والكفار «لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين…»، «إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين…».
فقد فرَّق الله عز وجل بين من كفر من أهل الكتاب وأشرك وبين عموم أهل الكتاب، وهذا التمييز يدل على عدم إطلاق الكفر أو الشرك عليهم إجمالًا؛ وإلا لما فرَّق الله في تسميتهم!

وأما قوله تعالى: «ولا تمسكوا بعصم الكوافر» فالآية في الكوافر، وليست في أهل الكتاب عمومًا.. كما وضحنا الفرق بين عموم أهل الكتاب، ومن كفر وأشرك.

والله عز وجل قال: «الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ».

فقد أحل الله عز وجل الزواج بالمحصنات العفيفات من أهل الكتاب.

ثالثًا: إن التمييز القائم على العدل لا حرج فيه، ومن العدل أن تُراعى طبيعة كل من الرجل والمرأة، فللرجل مهمة الإدارة في النظام الأسري الإسلامي وهذا ما أشار الله إليه: «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ».

فكيف تأمن المرأة المسلمة التي تريد الزواج من غير المسلم على أبنائها من الانجرار إلى عقيدة يأباها الإسلام، ومعلوم أن من مقاصد الشريعة العليا حفظ الدين؟

فالأساس أن الرجل يُدير والمرأة تربي. ويساعد كل منهما الآخر في الارتقاء بالأسرة والمجتمع. ومن هنا فإن الاحترام والتوقير للمرأة الكتابية ودينها موجود في فكر المسلم وعقيدته، أما في فكر غير المسلم فإن محمد رسول الله «كاذب» وهذا يؤثر سلبًا على حياة الأسرة ودينها، لذلك فعندما يدير الرجل المسلم البيت فإن ذلك أحرى بحفظ الدين والأسرة والمشاعر بين الزوجين.

رابعًا: هناك أُناس من أهل الكتاب كريمي الخلق، يحسنون معاملة زوجاتهن حتى لو كن على غير دينه. لكن هذا الإحسان لغير الكتابية نادرًا ما يوجد لتكذيبه بالنبي محمد، ورؤيته للإسلام على أنه افتراء ودجل!

وهذا النادر لا يهدم القاعدة التي تقرر حفظ الدين والأسرة وسد ذرائع الفساد.

خامسًا: كانت مُهانة قبل الإسلام وغير مُصانة فجاء الإسلام فأعلى من قيمتها وحررها من القيود التي تقيدها، قال تعالى عنها:

«وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ».

«أنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ».

«لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ».

«إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ» إلى آخِر الآية «أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا».

وقد وردت عدة أحاديث نبوية شريفة تدل بكل وضوح إلى تكريم المرأة في الإسلام ومنها: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا وخياركم لنسائهم».

«خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي، ما أكرم النساء إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم».

«لا يَفُرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي منها آخر». ومعنى لا يفرك مؤمن مؤمنة أي: لا يبغضها؛ لأنه يتنافى مع حسن العشرة.

وقال أيضًا:

 «إنما النساء شقائق الرجال».

ونتيجة هذه القيمة للمرأة في الإسلام هي ما جرت على لسان المستشرقين؛ لا سيما غوستاف لوبون الذي يقول: «إن الإسلام، الذي رفع المرأة كثيرًا، بعيدٌ من خفضِـها، ولم نكن أول من دافع عن هذا الرأي، فقد سبقنا إلى مثله كوسان دوبرسفال، ثم مسيو بارتلمي سنت هيلر».


إرسال تعليق

تعليق:

أحدث أقدم

نموذج الاتصال