كن مثلهم!

 


ما أعظم أن تهدي الحياة بأمثالٍ من البشر يصونون حق الإنسان فيها، أولئك الذين لم يعرف الوهن سبيلاً إلى أعينهم الطاهرة.
إنك عندما تتأمل في مسيرة هؤلاء الرجال العظماء، ترى حقيقة الإيمان النقي وجمال الشجاعة الراسخة.

سعد بن معاذ الأوسي الأنصاري

حينما اعتنق هذا البطل الإسلام، تبعته قبيلته بأسرها، وفي غزوة بدر، جمع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وقال: "أشيروا عليّ أيها الناس"، فما كان من سعد إلا أن وقف مؤيدًا للرسول قبل أن يعلم وجهته، وقال بكل ثبات: "امضِ فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق، لو خضت بنا البحر لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد".
انظر إلى هذا الإيمان الراسخ الذي دفع صاحبه للاتباع الكامل بثقة تامة بمصيره.. إنها ثمرة المدرسة النبوية الراقية.

شجاعٌ كأنَّ الحربَ عاشقةٌ له ** إذا زارها فدته بالخيلِ والرَّجْلِ

في غزوة الخندق، وقف سعد وقفة الأبطال عندما شاور النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه حول عزل غطفان عن قريش، وقال سعد: "أفحين أكرمنا الله بالإسلام وأعزنا بك، نمنحهم أموالنا؟ والله لن نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم".
وعدل الرسول عن رأيه اتباعًا لرأي سعد لشجاعته وحكمته.

البراء بن مالك

قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: "إنه مستجاب الدعوة"، وقال عنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا تولوه على جيشٍ لألا يهلكهم بشجاعته".
في معركة اليمامة، حيث احتمى أصحاب مسيلمة الكذاب في حديقة الموت، طلب البراء من المسلمين أن يلقوه فوق أسوارها، فاقتحم الحصن وفتح الباب للمسلمين، ليتحقق النصر، ورغم جروحه التي تجاوزت السبعين، كانت روحه ثابتة وصموده مضربًا للأمثال.

عكرمة بن أبي جهل

رجل قوي الجسد، حاد العقل، وعظيم البصيرة. في معركة اليرموك، عندما تفوق أعداء المسلمين في العدد، كسر عكرمة غمد سيفه وقال: "دعني أكفر عما سلف لي، أتريد مني الفرار اليوم؟ والله إن هذا لن يكون!"
ثم نادى: "من يبايع على الموت؟" فانطلق معه 400 رجل، يخترقون صفوف الروم، ونال المسلمون النصر، واستشهد عكرمة ورفاقه بكرامة وعزة.

وَجَدتُكَ أَعطَيتَ الشَجاعَةَ حَقَّها ** غَداةَ لَقيتَ المَوتَ غَيرَ هَيوبِ

أم عمارة

لم يكن من النساء في غزوة أحد إلا أم عمارة التي رأت النبي صلى الله عليه وسلم محاطًا بالأعداء، فرمت ما كانت تسقي به الجنود، وأخذت السيف مدافعة عن رسول الله.
قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: "ما رأيت أشجع من أم عمارة في ذلك اليوم، ألتفت يمينًا فأجدها تدافع عني، ألتفت يسارًا فأراها تذود عني"، وحينما سألها: "تمني يا أم عمارة"، وأجابت بتواضع: "نسألك مرافقتك في الجنة يا رسول الله".
فرد عليها: "أنتم رفقائي في الجنة".

فلتكن شجاعتهم وإيمانهم نبراسًا لك؛ قلوبهم لم تعرف الخوف، وإرادتهم لم تنحنِ إلا لخالقهم.

إرسال تعليق

تعليق:

أحدث أقدم

نموذج الاتصال