قراءة نقدية في: التقنين واتجاهاته وآراء المعاصرين فيه - محمد أحمد عبيد

 

مقال مراجعة: قراءة في
(التقنين واتجاهاته وآراء المعاصرين فيه)
لمشعان موسى السورجي
جامعة دجلة – معهد العلوم الاجتماعية، كلية العلوم الإسلامية 
2021م 

المقدمة:

       ظهرت في عالمنا المعاصر الكثير من القضايا التي يحتاج الناس إلى معرفة الحكم الشرعي فيها؛ حتى يتبين لهم مشروعيتها فيقدموا عليها، أو عدم مشروعيتها فيحذروها. وهذه المسائل تتعلق بشكل مباشر بحياة الناس ومعاشهم في الدولة الحديثة التي تعتمد بشكل أولي وصارم على "القانون" و"الدستور"، وقد نبعت أهمية هذا البحث من هذه الحاجة الإنسانية، والتي يقوم الباحث فيها ببيان حقيقة "التقنين" للفقه الإسلامي، تماشيًا مع طبيعة الحداثة والمعاصرة، ومراعاة لأحوال المجمعات المسلمة التي لا بد أن تنخرط في هذه الحداثة بشكل موزون قائم على أصول ثابتة وواضحة، وتأتي فكرة "التقنين" مساهمة في هذا الأمر؛ وذلك من ناحية إظهار مرونة الأحكام الفقهيّة مع التطورات وخصائص التمدن، ومن ناحية وضع الأحكام الفقهية موضع قانوني بحيث يعرف الجميع حقوقهم وما عليهم من واجبات.

      وقد هدف الباحث في بحثه إلى إظهار آراء المجيزين والمانعين لفكرة "التقنين" الوضعي للفقه الإسلامي، معتمدًا على بعض الأدلة التي تبناها كل فريق منهما.

     وقد جاءت طريقة الباحث معتمدة على المنهج التحليلي والاستقرائي، وذلك من خلال تتبع الأفكار وعرضها والقيام بتحليلها وفق رؤيته الشخصية، وكانت إشكالية بحثه تدور حول سؤالين أساسيين هما:

1-    ما هو التقنين وكيف نشأ؟

2-    ما آراء المعاصرين في التقنين من ناحية الإباحة والمنع؟

      وقد قُسم البحث إلى مقدمة ومبحثين وخاتمة وقائمة بالمصادر والمراجع، المبحث الأول يشتمل على مطلبين؛ ذكر في الأول منهما تعريف التقنين لغة واصطلاحًا، وذكر في الثاني نشأة هذا التقنين، أما المبحث الثاني فجاء مشتملا على مطلبين أيضًا؛ الأول ذكر فيه اتجاهات العلماء في التقنين من جهة الفقه والقانون، والثاني احتوى على آراء المعاصرين وأدلتهم على التقنين، أما الخاتمة فقد عدد فيها بعض النتائج التي توصل إليها من خلال دراسته في بحثه. ثم جاءت قائمة بالمصادر والمراجع تضم ما اعتمد عليه الباحث خلا دراسته من مراجع، وقد بلغ عددها أربع وأربعين مرجعًا.

 

المبحث الأول: تعريف التقنين ونشأته

أولًا: تعريف التقنين:

      بعد أن أشار الباحث في مقدمة بحثه إلى أن التقنين الفقهي من مظاهر العصر الحديث، وأنه ضرورة تفرضها علينا طبيعة التطور الإنساني؛ باعتباره وسيلة لتحقيق العدل بين أفراد المجتمع، بيّن أن هذا التقنين جاء متأثرًا بالفكر الغربي والقيم القانونية فيه، كما أكّد على أهمية إعادة النظر في أصول شرعنا الإسلامي والرجوع إليه في تفسير المحدثات، والانطلاق من الهوية الإسلاميّة الأصيلة دون تقديس آراء أو أفكار مجردة عن أصول الشرع. كما عرض تقسيمه لبحثه على هيئة مباحث ومطالب فرعيّة تشتمل على مضامين البحث ومحاوره التي سيخوض فيها.([1])

      ذهب الباحث في بداية المبحث الأول إلى تعريف مفهوم([2]) "التقنين" لغة واصطلاحا، وأوضح أنه لغويًا مصطلح مشتق من كلمة "فنن"، ويرجع إلى الفنّ الذي يمثل فنّ الشيء بصورة تفقده بالبصر. وعند جعل هذا الشيء مُقررًا بقوانين، فإنه يصبح "تقنين". ويُشير مصطلح "القانون" إلى مجموعة القواعد التي تحكم سلوك الأفراد في المجتمع، وأوضح أنه رغم أن كلمة "القانون" ليست من أصل عربي، إلا أنها أدخلت إلى اللغة العربية من مصادر متعددة، حيث اختلف اللغويون حول أصلها، مع اقتراحات تاريخية بأنها فارسية، أو يونانية، أو رومية، أو سريانيةوفي العربية، استُخدمت كلمة "القانون" لتعني المقياس والأصل، ويُستخدم أيضًا للإشارة إلى السياق والطريقة ويأتي مصطلح "القانون" في العصر الحالي يُفهم اصطلاحيًا على أنه مجموعة من القواعد التي يتم بموجبها تنظيم سيرة الأفراد في المجتمع، ويجب على كل فرد الامتثال لهذه القواعد، سواء برضا أو بإكراه، وفي حال رفض الأفراد الامتثال، فإن السلطة تفرض هذا الامتثال عليهم.([3])

      ولعل هذا يتفق مع ما ذهب إليه الدكتور محمد سامر عاشور من أن القانون هو "مجموعة القواعد التي تطبق علي الأشخاص في علاقاتهم الاجتماعية ويفرض عليهم احترامها ومراعاتها في سلوكهم بغية تحقيق النظام في المجتمع".([4])

        وقد نبه الباحث إلى أن التقنين الفقهي قد عُرّف كثيرًا عند الفقهاء المحدثين في سياقات مختلفة وبأوجه متعددة لدى العديد من المعاصرين، ورأى أنه يمكن الاستدلال من مجموع هذه التعاريف على أن "التقنين يعبر عمومًا عن العمليات الجمعية والترتيبية والتدوينية".([5])

     أما الهدف الذي وضع من أجله التقنين فيمكن استخلاصه من التعاريف باعتبار أن التقنين يهدف إلى تنظيم الأحكام الشرعية عن طريق تقديمها في شكل مواد مختصرة مُرقمة بتسلسل منطقي، ويقوم القاضي بالاستناد إليها لفهم وحكم في المسائل المطروحة أمامه، دون تجاوز هذه الأحكام الموجودة في هذا الإطار المحدد. ([6])

    وقد أكّد الباحث -وفقًا لدراسته الأخيرة حول التقنين- أن أغلب الدول العربية والإسلامية الحديثة يعتمدون على مبادئ من المذاهب الإسلامية المتنوعة ويُستلهمون منها في إطار التشريعات؛ ولكنهم أيضًا يستفيدون من القوانين والأنظمة اللا إسلامية والغربية لتشكيل نظم قانونية متكاملة في مجتمعاتهم الخاصة، مشيرًا إلى أن تقنين الفقه يفضل على تقنين الشريعة، وذلك من ناحية أن الشريعة تمثل الوحي الإلهي، بينما الفقه يُفهم كمجموعة الأحكام التي جاءت ضمن الوحي أو تم استنباطها من النصوص والأدلة الدينية بواسطة الفقهاء.([7])

ثانيًا: نشأة التقنين:

      يتتبع الباحث نشأة فكرة التقنين وتطورها في المجتمع الإسلامي؛ فيوضح أن بدايتها كانت في المجتمع نفسه، حيث كانت في البداية جزءًا من الأحكام الشرعية المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية، وفي العالم الإسلامي كانت فكرة جمع الناس على رأي واحد، أو التقنين، غير موجودة في البداية، ثم بدأت هذه الفكرة بشكل رسمي في منتصف القرن الثاني خلال حكم الخليفة أبو جعفر المنصور (135-158 هـ)، وفي ذلك الوقت لم تكن هناك قوانين رسمية اعتمدتها الدولة، ولم يتمكن الخليفة من تنفيذ ذلك. وكانت دولة ملاقا في القرن الخامس عشر الميلادي قد أصدرت قوانين إسلامية مأخوذة من مذهب الإمام الشافعي في بلاد ملايو تحت اسم "قوانين ملاقا"، إلا أن هذه القوانين لم تنتشر في العالم الإسلامي وظلت محلية في جنوب شرق آسيا. وفي عهد خلافة الدولة العثمانية، نجحت جهود التقنين في إنشاء دستور رسمي تبنته الدولة وعملت به تحت اسم "مجلة الأحكام العدلية"، وقامت بخدمة الأمة الإسلامية لأكثر من خمسين سنة حتى انهيار الدولة العثمانية. ويعتبر الباحث أن أول محاولة رسمية لتدوين التقنين -كما أيّد بعض العلماء في ذلك- تعود إلى اقتراح أبو محمد عبد الله ابن المقفع (725-759 م، 106-142 هـ) للخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، وذلك حين اقترح ابن المقفع توحيد العمل في المحاكم وطرح فكرته أمام السلطان. ورغم أن مسألة التقنين لم تكن واضحة بشكلها الحديث في العالم الإسلامي إلا في أواخر الدولة العثمانية (1839 م، 1255 هـ)، يرى الباحث مؤيدًا نظرة البعض من الفقهاء أن بعض الناس ينظر إلى الوثيقة التي وثّق فيها الرسول صلى الله عليه وسلم حقوق المسلمين وغير المسلمين في المدينة المنورة كمبدأ أول لفكرة التقنين. فقد أدخلت هذه الوثيقة أفكار تشبه مبادئ القانون الدستوري في عصرنا.([8])

 

المبحث الثاني: اتجاهات التقنين وآراء المعاصرين فيه

أولًا: اتجاهات التقنين:

      قسم الباحث التقنين الفقهي إلى اتجاهين رئيسيين جعل محور الكلام عليهما في بحثه، الاتجاه القانوني، والاتجاه الفقهي، مؤكدًا أن الاتجاه القانوني يهدف إلى استناد القوانين الوضعية الحالية وربطها بالشريعة الإسلامية في حال وجود جهود لدمجها، وتتعدد أساليب هذا الاتجاه وتتنوع وفق نوايا الفاعلين، فمنهم من يحاول بمكر تمكين التشريعات الغربية والأجنبية، بينما يسعى الآخرون بإخلاص لتحقيق الشريعة. وحقائق الوضع تكون مُوضحة وكاشفة عن طبيعة هذا الاتجاه.([9])

    وممن يصنفون في هذا الاتجاه القانوني ويعدون أنصارًا له؛ الشيخ مخلوف المنياوي، في كتابه: "تطبيق القانون المدني والجنائي على مذهب الإمام مالك"؛ حيث يظهر فيه أوجه الموافقة بين المذهب المالكي وبين القانون الفرنسي بأمر من الخديوي إسماعيل، ملتمسًا التوفيق بينهما أو التلفيق. هذا الاتجاه وجد أيضًا تجليات له في بعض اللجان المكلفة بكتابة تقنين الشريعة داخل البرلمان المصري.([10])

     ويرى الباحث أن هذا النهج معيب وناقص، ففي حين رفع شأن القانون الوضعي –خاصة الفرنسي- قد قلل من قيمة الشرع الإسلامي وأحكامه، مما يظهر عدم تعظيم له في قلوب هؤلاء. 17 ومن مظاهر عيوب هذا الاتجاه ما يلي([11]):

1-      قوانين الشريعة الإسلامية لا تقوم فقط على مصلحة وحدها، بل تتأسس على مصادر شرعية متعددة مثل الكتاب والسنة والإجماع والقياس، والمصلحة ليست دليلاً مستقلاً، بل تُعتبر دليلاً تكميليًا، ولا يمكن الاعتماد على العقل وحده في تقدير الأحكام بناء على المصالح، فالرأي لا يكون صحيحًا إلا إذا كان مستندًا إلى أصل شرعي معصوم، حيث أن العقل يعجز عن التوصل إلى كل تفاصيل الحكم الشرعي لعدم عصمته وكماله.

2-      تدوين التقنين الشرعي يجب أن ينبع من الفهم الشامل لطبيعة الشريعة ومبادئها، وأن يكون مبنيًا على نظام متكامل يتصل أجزاؤه ويتعاضد، ولا يتضارب بل يشهد بعضه لبعض، فيجب أن يكون تشريع الفقه نظامًا متسقًا ومتماسكًا، وأن يكون بناءً قانونيا يتماسك أجزاؤه ببعضها، وهذا لن يكتمل إلا بالانطلاق من أصول الفقه ذاته.

3-      يعتبر مخالفًا لمعايير الصياغة ويتعارض مع أسس الفن التشريعي في تقنين القانون وفلسفته، كما يتعارض مع المراجع التي يتم الرجوع إليها في التفسير وحل النزاعات، والتي ستكون مترددة بين التقنينات الوضعية والمصادر في الفقهية.

       أما الاتجاه الفقهي؛  وهنا يتم صياغة التشريعات من الفقه في الأساس، حيث ينبثق المقنن -سواء كان فردًا أو لجنة- من التفسيرات والتأصيلات الفقهية، فيتم ذلك من خلال الاعتماد على مصادر الفقه وشروحه، والبناء على الأصول والقواعد الفقهية، والالتزام بمصطلحاته الإسلامية الخالصة، ويتبع المقنن في هذا الاتجاه طرائق الفقهاء في الترتيب المنطقي للمواضيع واشتقاق بعضها من بعض، حتى في حال عدم الترتيب الدقيق في الترتيب الهرمي أو الفرعي.
ويعتبر الباحث أن هذه الطريقة تُعد الأنسب في صياغة التشريعات، وهي الطريقة التي تم اعتمادها في بعض أبرز التشريعات الشرعية، مثل مجلة الأحكام العدلية وتشريعات قدري باشا ومجلة الأحكام الشرعية الحنبلية وغيرها.([12])

      وقد ذكر الباحث أن الاختلاف قد وقع بين أصحاب هذا الاتجاه فيما بينهم فيما يتعلق بإمكانية التلفيق([13]) بين المذاهب في التقنين، وذلك بين مؤيد ومانع له، حيث ذهب المعاصرين من أمثال محمد مصطفى المراغي، والشيخ محمد بن الحسن الحجوي الفاسي؛ إلى أن التلفيق جائز بين المذاهب في تقنين الأحكام الشرعية، بينما التزم آخرون مثل؛ مجلة الأحكام العدلية، وتقنينات قدري باشا، ملخص محمد عامر، وجلة القاري بالالتزام بمذهب واحد فقط وعدم التلقيف بين المذاهب.([14])

     وقد عرض الباحث رأيًا وسطيًا هنا يدعو إلى التلفيق بشرط مراعاة عد تلفيق لضعيف والمهجور من الآراء والأقوال الشاذة، وأن يتم ربط التقنين بمصادره الشرعية الأصيلة، ومراعاة الترتيب الفقهي لموضوعات الفقه ومشتملاته، والاقتصار على القواعد الكلية والعامة، والالتزام بالمصطلحات الفقهية، وعرض الغريب على الهوية الإسلامية وأخذ المتوافق معها فقط. ([15])

ثانيًا: آراء المعاصرين في التقنين:

     بيّن الباحث أن المعاصرين قد انقسموا حول التقنين إلى مانع ومجيز له، ويأتي على رأس المانعين للتقنين الشيخ عبد الله البسام، والشيخ بكر أبو زيد، وهيئة كبار العلماء بالسعودية، وقد اعتد هؤلاء على عدة أدلة في تأييد مذهبهم، ومن أهمها ما يلي([16]):

1-      الدين يدعو للالتزام بالحق والعدل: إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ۚ وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (النساء: 105)، وقد رد المجيزون على ذلك بأن المقنن لا بد أن يتبع الحق في منهجه ولا يخالفه.

2-      المقنن غير معصوم، وقد رد المجيزون على ذلك بأن الأغلب أوثق من رأي الواحد في الأخذ بالتقنين الشرعي، وذلك لعدم التواطؤ على الزلل في كل اتجاه، فبينما الكل غير معصوم؛ يكون الأغلب أنسب الحلول وأقواها.

3-    التقنين مكيدة للإسلام، وقد رد المجيزون على ذلك بأن التقنين لا يعدو أمرًا شكليًا تابع للفقه الإسلامي، والفقه هو صاحب السلطة عليه.

   أما المجيزون للتقنين؛ وهم أكثر الفقهاء المعاصرين البارزين، يشملون مجموعة واسعة من العلماء؛ من بينهم الشيخ عبد الوهاب خلاف، والشيخ محمد بن الحسن الحجوي الفاسي، والشيخ أحمد شاكر، والشيخ علي الخفيف، والشيخ أبو الأعلى المودودي، بالإضافة إلى طائفة من هيئة كبار العلماء في المملكة؛ مثل الشيخ صالح بن غصون والشيخ راشد بن خنين، وغيرهم. كما يُعتبر من المجيزون للتقنين أيضا كل من الدكتور محمد مصطفى شلبي، والدكتور محمد سلام مدكور، والدكتور عبد العال عطوة، والدكتور محمد زكي عبد البر، وغيرهم الكثير، وقد ذهب بعض المجازين للتقنين إلى القول بوجوبيته، مثل الشيخ مصطفى الزرقا، والشيخ محمد أبو زهرة، والشيخ حسنين مخلوف، الذي كان مفتيًا لمصر سابقًا، والدكتور محمد عبد الجواد، وغيرهم.([17])

    وقد اعتد هؤلاء على عدة أدلة في تأييد مذهبهم، ومن أهمها ما يلي([18]):

النصوص الواردة التي تأمر بطاعة ولاة الأمور فيما لا يتعارض مع مجموع أحكام الشريعة، ويقتضي التقنين التنظيم من أجل إقامة العدل وتطبيق القوانين بناءً على دلائل شرعية ورعاية للمصلحة العامة.

1-      منذ أزلية الإسلام كان الخلفاء من الصحابة ومن بعدهم يقتصرون على أحد الآراء في الخلافات، وكان الناس ملتزمين بتلك الآراء الموجودة في المشكلات القائمة.

2-      في ضوء مقررات الفقهاء وبناءً على السياسة الشرعية ومع مراعاة المصالح الواضحة التي لا تتعارض مع قواعد الشرع، يعتبر مناسبًا لولاة الأمور العمل بالتقنين، ويتضح أن للتقنين فوائد ومصالح متعددة، حيث يُقضي على التباين ويوحد الأحكام ويزيل التضارب، والتقنين يُمثل وسيلة لتطبيق الشريعة، وبالتالي يمكن أن يحول دون تأثير الدعاة الذين يروجون لتحكيم القوانين الوضعية.

   وقد رجح الباحث في نهاية المطاف قول المجيزين باعتبار أنه أقوى في أدلته ومقاصده التي تعود بالإيجاب على الفرد والمجتمع.

نقاط الضعف في البحث:

أولًا: الأخطاء اللغوية

احتوى البحث على جملة من الأخطاء اللغوية والنحويّة، ويمكن بيان بعضها على النحو التالي:

الصفحة

الفقرة

الخطأ

التصحيح

1

1

كلية علوم الإسلامية

كلية العلوم الإسلامية

3

2

فإن تقنين الفقه الإسلامي من قضايا ساخنة

فإن تقنين الفقه الإسلامي من القضايا الساخنة

3

2

لا بد منها في المجتمعات الحديثة في جميع معاملاتهم الدنيوية

لا بد منها في المجتمعات الحديثة في جميع معاملات الناس الدنيوية

3

3

دون تقيد بقيد القانون

دون التقيد بقيد القانون

3

3

قواعد التفسير النصوص الثابتة لذلك

قواعد الفقه لتفسير النصوص الثابتة في لذلك

3

3

اللجان المكلف بتقنين الفقه

اللجان المكلفة بتقنين الفقه

4

3

مجموعة القواعد تحكم سيرة الأفراد

مجموعة القواعد التي تحكم سيرة الأفراد

7

1

أكثر الدول العربية والإسلامية للتقنين يؤخذ من مذاهبه
الإسلامية المختلفة وغيرها من القانون غير الإسلامية

أكثر الدول العربية والإسلامية في التقنين تأخذ من مذاهبهم
الإسلامية المختلفة، وتأخذ من غيرها من القوانين غير الإسلامية

7

2

أريد أن أشار إلى قول بعض الباحثين

أريد أن أشير إلى قول بعض الباحثين

7

3

فكرة التقنين في المجتمع الإسلامي بداية كان من ضمن أحكام الشرعية

فكرة التقنين في المجتمع الإسلامي بداية كانت من ضمن الأحكام الشرعية

7

3

مأة سنة

مائة سنة

11

5

وتعتبر البعض بأن الوثيقة

ويعتبر البعض بأن الوثيقة

30

الأخيرة

فالذي يظهري لي

فالذي يظهر لي

30

الأخيرة

صادراً وفق أصول وقواعدة صحيحة

صادرًا وفق أصول وقواعد صحيحة

30

الأخيرة

ولا يبدل فيه الشرع الله

ولا يبدل فيه شرع الله

 

ثانيًا: أخطاء التنسيق

 لم يراعى البحث التنسيق العلمي والفاصلات الكتابيّة التي توضح جودة وتعبيرات الفكرة التي يريد الباحث إيصالها للقارئ في متن الفقرات، مما أدى إلى تداخل في الجمل وغرابة في المعنى لا يستقيما مع الفهم السلس للكتابة العلميّة، وهذه نماذج من هذه الأخطاء:

النموذج الأول

ذكر في الصفحة رقم 3:

     "فإن تقنين الفقه الإسلامي من قضايا ساخنة في هذا العصر الحديث ومن المظاهر العصرية التي لابد منه في المجتمعات الحديثة في جميع معاملاتهم الدنيوية إلى كثير من الوسائل العصرية، فتقنين الفقه من أهم هذه الوسائل من الناحية القانونية؛ لأنه وسيلة إلى تحقيق الحق والعدل بين أفراد المجتمع فالمسلمون في العصور الأولى لم يكونوا بحاجة إلى التقنين لأن المستوى الثقافي كان مرتفعا عندهم والعلم والفكر كانا مرتفعين أيضا وخاصة الاجتهاد كان قائما فيهم مقام العناصر الحيوية كالماء للنبات، وأن القضاء كان مقيدا بقيد الاجتهاد والعلماء والفقهاء كانوا من المجتهدين الملتزمين واجتهادهم قائم مقام التقنين في ذاك الوقت".

والصواب كما يلي:

      "فإن تقنين الفقه الإسلامي من القضايا الساخنة في هذا العصر الحديث، وهو من المظاهر العصرية التي لا بد منها في المجتمعات الحديثة في جميع معاملات الناس الدنيوية في كثير من الوسائل العصرية، فتقنين الفقه من أهم هذه الوسائل من الناحية القانونية؛ لأنه وسيلة إلى تحقيق الحق والعدل بين أفراد المجتمع، فالمسلمون في العصور الأولى لم يكونوا بحاجة إلى التقنين؛ لأن المستوى الثقافي كان مرتفعا عندهم، والعلم والفكر كانا مرتفعين أيضًا، وخاصة أن الاجتهاد كان قائمًا فيهم مقام العناصر الحيوية كالماء للنبات، وأن القضاء كان مقيدًا بقيد الاجتهاد والعلماء، والفقهاء كانوا من المجتهدين الملتزمين؛ واجتهادهم قائم مقام التقنين في ذاك الوقت".

النموذج الثاني

ذكر في الصفحة رقم 3:

      "مع الأسف الشديد أن التقنين الحاضر في العالم الإسلامي هو حركة متأثرة بالعالم الغربي وليس من أصل الشريعة الإسلامية واجتهادات الفقهاء المسلمين فإن صلاحية الاجتهاد صلاحية كبيرة ونعمة عظيمة أهداها الإسلام إلى المسلمين كي يحلوا مشاكلهم دون تقيد بقيد القانون أو أري آخر، ويمروا اليوم أمام المشاكل العصرية، ولا بد للعلماء أن يرجعوا إلى قواعد التفسير النصوص الثابتة لذلك، فهذه الأصول موجودة في كتب أصول الفقه منذ بداية الإسلام قديما؛ فالفقيه المشرع للقانوني لا بد له من الاستناد إلى الأصول الاجتهادية ولا بد له من تطوير هذه الأصول حسب حاجة الزمان والمكان فنعتقد بأن المسلمين لا بد لهم أن يرجعوا إلى أصولهم القديمة؛ ولكن على عكس ذلك نرى أن اللجان المكلف بتقنين الفقه ليس فيها من المجتهدين والفقهاء والمتخصصين بل مستندين إلى آراء بعض أعضاء المكلفين وإن كانوا من غير الفقهاء".

والصواب كما يلي:

     "مع الأسف الشديد فإن التقنين الحاضر في العالم الإسلامي هو حركة متأثرة بالعالم الغربي، وليس من أصل الشريعة الإسلامية واجتهادات الفقهاء المسلمين، فإن صلاحية الاجتهاد صلاحية كبيرة ونعمة عظيمة أهداها الإسلام إلى المسلمين كي يحلوا مشاكلهم دون التقيد بقيد القانون أو رأي آخر، وهم يمروا اليوم أمام المشاكل العصرية لا بد للعلماء أن يرجعوا إلى قواعد الفقه لتفسير النصوص الثابتة في ذلك، فهذه القواعد موجودة في كتب أصول الفقه منذ بداية الإسلام قديما؛ فالفقيه المشرّع للقانون لا بد له من الاستناد إلى الأصول الاجتهادية، ولا بد له من تطوير هذه الأصول حسب حاجة الزمان والمكان، فنعتقد بأن المسلمين لا بد لهم أن يرجعوا إلى أصولهم القديمة، ولكن على العكس من ذلك؛ نرى أن اللجان المكلّفة بتقنين الفقه ليس فيها من المجتهدين والفقهاء والمتخصصين، بل إنها تحتوي على غيرهم من المؤهلين؛ مستندين إلى آراء بعض أعضاء اللجان المكلّفين؛ وإن كانوا من غير الفقهاء".

الخاتمة:

       لخَّص الباحث نتائج بحثه في تسعة عناصر شملت كل ما تناوله في بحثه إيجازًا، وبيّن الفروق التي تعرض لإيضاحها بين المانعين للتقنين وغيرهم من المجيزين له، كما أوصى بضرورة اهتمام الجامعات والكليات الشرعية بفكرة التقنين الفقهي، وهذا يعد أمرًا مميزًا.

     في النهاية يمكننا القول بأننا نتفق مع الباحث فيما رجّحه من جواز "التقنين الفقهي"، وذلك لأننا في حاجة ماسة لتصحيح حقيقي قوي وفعلي للمصطلحات والدلالات الفقهية؛ من خلال تقنين لأحكام الفقه، فهذا ينطلق بنا إلي أرض فكرية بعيدا عن الطوفان القادم نحونا من الحداثة، فلا يمكننا الاعتقاد بأننا سنظل هكذا في هذا المنحى الفكري المتلبِّس، بل ستقدم علينا مرحلة أخرى أشد في وطأتها من الحالية؛ لذلك فالفهم والتفاهم ومجاراة الحداثة والتفنن في عرض الفقه والأحكام الشرعيّة بأسلوب منظم فعّال ليس رفاهية، بل ضرورة ملحة يفرضها علينا التطور البشري ولا بد أن نسعى إلى تلبيتها بما يتوافق مع هويتنا وأصولنا.


الهوامش: 

([1]) السورجي، مشعان موسى (2021): التقنين واتجاهاته وآراء المعاصرين فيه، ص 3، جامعة دجلة – معهد العلوم الاجتماعية، كلية العلوم الإسلامية، تركيا.

([2]) المفهوم عبارة عن مصطلح أو رمز بين عدد متباين من الظواهر أما التعريف الإجرائي فيتمثل في عملية تعيين الأبعاد القابلة للقياس والملاحظة في التعرف على ما يشير اليه المفهوم المحدد حيث انه اذا أمكن تقديم مفهوم اجرائي واضح يمكن التوصل الي نتائج ومن ثم يسهل التحقق من الفروض. (جلبي، علي عبد الرازق: تصميم البحث الاجتماعي - الأسس والاستراتيجيات، ص ص 69 - 70، المعرفة الجامعية بالإسكندرية، مصر). 

([3]) السورجي، مشعان موسى (2021): التقنين واتجاهاته وآراء المعاصرين فيه، مصدر سابق، ص 4.

([4]) عاشور، محمد سامر(2018): مدخل الي علم القانون، ص 3، الجامعة الافتراضية السورية، سوريا.  

([5]) السورجي، مشعان موسى (2021): التقنين واتجاهاته وآراء المعاصرين فيه، مصدر سابق، ص 4.

([6]) السورجي، مشعان موسى (2021): التقنين واتجاهاته وآراء المعاصرين فيه، مصدر سابق، ص 6.

([7]) المصدر السابق، ص 7.

([8]) السورجي، مشعان موسى (2021): التقنين واتجاهاته وآراء المعاصرين فيه، مصدر سابق، ص ص 7 - 11.

([9]) المصدر السابق، ، ص 15.

([10]) السورجي، مشعان موسى (2021): التقنين واتجاهاته وآراء المعاصرين فيه، مصدر سابق، ص 15.

([11])  المصدر السابق، ص ص 17 - 19.

([12]) السورجي، مشعان موسى (2021): التقنين واتجاهاته وآراء المعاصرين فيه، مصدر سابق، ص 20.

([13]) التلفيق هو اعتماد صحة الفعل من مذهبين معًا بعد إثبات عدم صحته على كل مذهب على حدةوزارة الأوقاف والشئون الإسلامية (1427هـ): الموسوعة الفقهية الكويتية، ط2، ص ص 294-293، دارالسلاسل، الكويت.

([14]) السورجي، مشعان موسى (2021): التقنين واتجاهاته وآراء المعاصرين فيه، مصدر سابق، ص 22.

([15]) السورجي، مشعان موسى (2021): التقنين واتجاهاته وآراء المعاصرين فيه، مصدر سابق، ص ص 23 - 25.

([16])  المصدر السابق، ص ص 25 - 26.

([17]) السورجي، مشعان موسى (2021): التقنين واتجاهاته وآراء المعاصرين فيه، مصدر سابق، ص 27.

([18])  المصدر السابق،  ص ص 28 - 30.

قائمة المصادر والمراجع:

أولا: المصادر:

1.     السورجي، مشعان موسى (2021): التقنين واتجاهاته وآراء المعاصرين فيه، جامعة دجلة – معهد العلوم الاجتماعية، كلية العلوم الإسلامية، تركيا.

ثانيًا: المراجع:

1.     جلبي، علي عبد الرازق: تصميم البحث الاجتماعي - الأسس والاستراتيجيات، المعرفة الجامعية بالإسكندرية، مصر.

2.     عاشور، محمد سامر(2018): مدخل الي علم القانون، الجامعة الافتراضية السورية، سوريا 

3.     وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية (1427هـ): الموسوعة الفقهية الكويتية، ط2، دارالسلاسل، الكويت.



إرسال تعليق

تعليق:

أحدث أقدم

نموذج الاتصال